طبقة الأوزون (أوزونوسفير Ozonosphere) الستراتوسفيرية:
لا تشكل طبقة الأوزون طبقة مستقلة في الغلاف
الجوي لكنها تحتل طبقة ستراتوسفير بكاملها آخذة شكلها وأبعادها وارتفاعها عن سطح
البحر, فتبلغ سماكتها حوالي 30 كم فوق خط الاستواء وحوالي 45 كم فوق القطبين مع
ذلك فلا تزيد سماكتها عن 2ــ 4 مم فقط إذا ما خضعت إلى شروط الغلاف الجوي القياسي
السائدة عند سطح البحر حيث يعادل الضغط الجوي 1013.25 ميلليبار ودرجة الحرارة 515
مئوية (5، 9).
دور طبقة الأوزون في الغلاف الجوي:
تمتص طبقة الأوزون الأشعة الشمسية فوق
البنفسجية (UV Ultraviolet) بكل أصنافها وأطوال أمواج طيفها وبذلك فإنها تقوم بدور درع واقي
يحمي كوكب الأرض وما عليه من مخلوقات من أضرارها و أخطارها الفتاكة. التي تبدأ
باحمرار الجلد وحرقة (إرثيما Erythema) مرورا بعمى العيون
(كاتاراكت Cataract) وانتهاء بتخريب بروتينات الخلايا الحية وأحماضها النووية (RNA,
DNA)
مسببة سرطان الجلد, وخاصة المعروف باسم ميلانوما (Melanoma) القاتل, بالإضافة إلى
ما تسببه من تدمير لهرمونات النبات ويخضور أوراقها مسببة أضرارا بالغة المحاصيل
الزراعية وكذلك للعضويات الدقيقة والحيوانات بشكل عام (5، 8، 9، 11، 21، 22)
والحقيقة قد تنشا هذه الأخطار عن التعرض الطويل والمتكرر إلى جزء ضئيل جدا لا
يتعدى 0.1٪ من الأشعة فوق البنفسجية المعروفة بإقليم – UV-B التي تتمكن من الوصول
إلى سطح الأرض.
لا شك في أن جسامة الأضرار الناجمة تتناسب
عكسا مع أطوال أمواج طيف الأشعة فوق البنفسجية فكلما قصرت أطوال أمواجها كلما زادت
أضرارها فداحة وفتكا, ولحسن الحظ فقد حمت العناية الإلهية الأرض بطبقة الأوزون
التي تقوم خلال العمليات الضوئية الكيميائية المركبة لجزيئات الأوزون والمفككة له
بامتصاص هذه الأشعة ومنعها من الوصول إلى سطح الأرض.
تشكل طبقة الأوزون في طبقة ستراتوسفير:
الأوزون (O3) غاز أزرق باهت اللون
ذو رائحة وخاذة، اشتق أسمه من كلمة أوزين (Ozein) الإغريقية، التي تعني
يشم. يتكون الأوزون في طبقة ستراتوسفير من جزيئات أوكسجين ثلاثية
الذرة (O3) تنجم من إتحاد ذرات O الأكسجين مع جزيئاته O2 خلال سلسلة من
التفاعلات الضوئية الكيميائية "فوتوكيميائية" (photochemical) المتلاحقة والمتزامنة،
تشتمل على امتصاص أشكال متعددة من الأشعة فوق البنفسجية، وعمليات تصادم ثلاثية
تجري في وقت واحد بين ذرات الأكسجين وجزيئاته وجزيئات حيادية (M) مثل جزيئات النتروجين
أو جزيئات الغازات الخاملة أو من الجسيمات.
إن وجود الجزيئات الحيادية شرط أساسي في
عمليات التصادم الثلاثية وبدونها يستحيل تشكل الأوزون لأنها تقوم بدور ساند
لعمليات تصادم ذرات الأكسجين وذراته ومخمد
يمتص الطاقة الحرارية وكمية الحركة الزائدة المتولدة عنها.
على الرغم من ابتداء العمليات الضوئية
الكيميائية المشكلة للأوزون عند ارتفاع يتراوح بين 80- 100 كم عن سطح البحر وذلك
عندما تمتص جزيئات O2 الأشعة فوق البنفسجية
المتطرفة (EUV) التي تقل أطوال أمواجها عن 200 نانومتر (نم) وتتفكك إلى ذرات O المثارة، تظل فرص تشكل
جزيئات O3 ضئيلة بسبب قلة كثافة
الغلاف الجوي، فما أن يتشكل بعضها حتى تتفكك بسرعة وتحتاج لوقت طويل لتتشكل من
جديد.
والحقيقة تظهر التفاعلات الضوئية الكيميائية
الفعالة في إنتاج جزيئات O3 قرب حد ستراتوسفير عند
ارتفاع يتراوح بين 50- 60 كم عن سطح البحر، حيث تصبح كثافة الغلاف الجوي كبيرة
وتتوفر فيه جزيئات O2 وM. وتبدأ التفاعلات بتفكك
جزيئات O2 عندما تمتص الأشعة فوق
البنفسجية البعيدة (FUV) التي تقل أطوال أمواجها عن 240 نم والمعروفة بإقليم UV-
C :
O2 + UV (<
240 nm) → O + O
O + O2 + M →
O3 + M
ثم تعود جزيئات O3 وتتفكك عند امتصاصها
الأشعة فوق البنفسجية التي تتراوح أطوالها بين 290- 320 نم:
O3
+ UV (290- 320 nm) → O2
+ O
كما تتفكك بعض جزيئات O3 عندما تمتص الأشعة
الشمسية الضوئية " Visible light" (VL):
O3
+ VL (600 nm)
→
O2 + O
كما تتفكك جزيئات O3 عندما تتفاعل مع ذرات O:
O3
+ O → O2 + O2
وهكذا تستمر هذه
التفاعلات الضوئية الكيميائية وتتوالى وخلالها تمتص الأشعة فوق البنفسجية بجميع
أشكالها وأطوال أمواجها ، وهكذا تقوم طبقة الأوزون الستراتوسفيرية بحماية سطح
الأرض وما عليه من مخلوقات حية.
الحزام
الأوزوني الكثيف:
يظهر خلال طبقة
الأوزون حزام كثيف من الأوزون يتراوح فيه تركيز جزيئات O3 بين
8- 10جزء بالمليون (PPMV) وتتراوح سماكته بين 5- 10
كم، يظهر على ارتفاع يتراوح بين 26 كم فوق دوائر العرض الاستوائية وبين 16 كم فوق
دوائر العرض القطبية (8). وتعود كثافة O3 في الحزام الأوزوني إلى كثافة الغلاف الجوي التي
تساعد على إعادة تشكل جزيئات O3 المتفككة بسرعة من جهة،
وإلى تناقص حدة الأشعة فوق البنفسجية من جهة ثانية، لأن جميع هذه الأشعة التي تقل
أطوال أمواجها عن 290 نم تستنفد عند ارتفاع 50- 55 كم، ولا يصل إلى الحزام
الأوزوني سوى النذر اليسير من الأشعة من الأشعة فوق البنفسجية التي تتراوح أطوال
أمواجها بين 290- 320 نم. وعموماً تزداد طبقة الأوزون في طبقة ستراتوسفير
كثافة واستقرارا ًتدريجياً دون ارتفاع 40
كم عن سطح البحر.
استنزاف طبقة الأوزون:
كشفت العديد من الدراسات
الجارية حول طبقة الأوزون، منذ عام 1956وحتى الآن، أن طبقة الأوزون تستنزف، وقد
ظهر فيها ما يعرف بثقب الأزون، وهو عبارة عن مساحة واسعة تزيد عن 20كم2 يظهر فوق
القارة القطبية الجنوبية متمركزا فوق القطب الجنوبي ترق فيها سماكة الأوزون أو
تغيب كليا خلال فصل الربيع سنويا (الشكل 1) .
الشكل 1: ثقب أزوني واسع فوق
القارة القطبية الجنوبية
ومن خلال مراجعته للعديد من الأبحاث
والدراسات المهتمة بهذا الموضوع بين صيام (9) أن أسباب نضوب طبقة الأوزون وظهور
الثقب المذكور فيها يعود إلى تفاعلات ضوئية كيميائية تشارك فيها جزيئات مركبات
الفريون (Freon) والتي تعرف أيضا بمركبات كلوروفلوروكاربون (CFCs (
أو كلورو فلوروميثان (CFMs) أو هاليدات الكربون (Halo
carbon). ويأتي
على رأس هذه المركبات جزيئات ثالث كلوروفلوروكاربون (CFCl3) أو ما يعرف بالفريون (CFC-11)، وثاني كلوروثاني فلوركاربون
(CF2Cl2) أو الفريون (CFC-12), وثالث كلورو ثالث
فلورو إيثان (C2F3Cl3 ) أو الفريون (CFC-113)، وثاني كلورو رابع
فلورو ايثان (C2F4Cl2) أو الفريون (CFC-114)، وثاني كلورو خامس
فلورو إيثان (C2F5Cl2)، ورابع كلوريد
الكاربون (CCl4), وكلوريد المبثيل (CH3Cl
)،
وثلاثي كلورو ايثان (C2H3Cl3)، وميثيل الكلورو فورم
(CH3CCl3). تستخدم هذه المركبات
على نطاق واسع في صناعة المبردات والرغويات وعبوات مصففات الشعر والمبيدات الحشرية
والعطرية المضغوطة وصناعة الأدوية والمحاليل المطهرة وغيرها من الصناعات . وهذه
المركبات جميعها خاملة كيميائيا غير سامة وغير قابلة للاحتراق، ولكنها عندما تصل إلى
طبقة ستراتوسفير وتمتص الأشعة فوق البنفسجية (UV) تتفكك محررة ذرات
الكلور (Cl ) وأول اوكسيد الكلور (ClO ) التي تتفاعل مع ذرات
الأوزون (O3) وتفككها، وتتفاعل مع
ذرات الأكسجين (O) وتمنعها من المشاركة في تكوين جزيئات O3 مرة أخرى فمــــــــثلا:



فتكون
محصلة التفاعلين الأخيرين:

كما وتقوم بالدور نفسه
جزيئات غاز النتروز (NO2) المنطلقة من الأسمدة
النتروجينية ومن العمليات البيولوجية في التربة والمياه وتحلل الكتل الحيوية ومن
الترب العادية والغابات والبحار والمحيطات ومن عمليات حرق الوقود الأحفوري. تعد
جزيئات (NO2) خاملة كيميائيا لكنها ما أن تصل إلى طبقة ستراتوسفير تتفاعل مع
ذرات O الحرة مولدة جزيئات أول
أكسيد النتريك (NO) وثاني أكسيد النتروجين
(NO2) التي تتفاعل بدورها مع جزيئات (O3) و (O) مؤدية إلى استنزاف طبقة الأوزون:

N2O + O → 2NO




O3 + O → O2 + O2
ولابد
من الإشارة هنا إلى مساهمة الطائرات الحديثة التي تحلق خلال طبقة ستراتوسفير في
حقن كميات لا
بأس بها من NO2 و NO و NO2 فيها. بالإضافة إلى ذلك تعمل جذور البروم الحرة (Br )، الناجمة عن التفكك
الضوئي لبعض مركبات البروم عندما تمتص الأشعة فوق البنفسجية في طبقة ستراتوسفير، على
تفكيك جزئيات o3. وأهم هذه المركبات أو الهالونات ما يعرف بأول بروموثاني فلور
ميثان (CF3Br) أو الهالون 1301,وثالث كلورو أول برومو ثاني فلورو إيثان (C2F2Brcl3) أما الهالون
1211,وثاني برومو رابع فلور إيثان (C2F4Br2) أو الهالون
2402وايثلين دوبرومايد (CH4Br.CH2Br) وأهمها بروميد الميثيل
(CH3Br) المستخدم مع المركب الأخير كمادة طبيعية مطهرة, أما بالنسبة
للمركبات الأخرى فتستخدم في مخمدات الحريق
وفيما يلي مثال على احد التفاعلات الضوئية الكيميائية الناجمة عن تفكك
جزيئات :CH3Br


وتبين
فيما بعد أن جذور الهايدروبيروكسيل (HO2) المتشكلة في الأجزاء
الدنيا من طبقة ستراتوسفير طبيعيا عند حاد ذرات الهيدروجين (H) وجزيئات (O2) بوجود وسيط حيادي (M) تفكك جزيئات (O3) وتخربها:
H + O2
+ M →
HO2 + M



فتكون
محصلة المعادلتين الأخيرتين:

O3
+ O3 → 3O2


أمام
هذه الأخطار المحدقة بطبقة الأوزون اتفقت دول العالم من خلال إبرام عدة معاهدات ,
أهمها معاهدة فينا عام 1989 وبروتوكول مونتريال عام 1989 وإعلان هلسنكي عام 1989
واتفاقية لندن عام 1990التي كان من المفترض وفقا لها أن يتوقف استخدام مركبات
الفريون أو كلوروفلوروكاربون وهالونات البروميد
بمختلف أنواعها بحلول عام 2000 م.
كما عقدت عدة مؤتمرات عالمية , وأهمها مؤتمر واشنطن عام 1992 وبكين عام 1992 ومونت كارلو عام 1992 وغيرها, لإيجاد
بدائل لهذه المركبات، غير مضرة بطبقة الأوزون (9) .
أما بالنسبة لمشكلة غاز
النتروز الذي يتعاظم إنتاجه وتواجده في الغلاف الجوي مع تعاظم استخدام الأسمدة
النروجينية في إنتاج المحاصيل الزراعية والغذاء المطلوب لسكان العالم المتزايدين
لا تزال بحاجه إلى حل. مع ذلك يرى العديد
من الباحثين إن التفاعلات الضوئية الكيميائية غير كافية لوحدها لتفسير ظاهرة
استنزاف الأوزون في طبقة ستراتوسفير وحدوث الثقب الأوزوني الربيعي فوق القارة
القطبية الجنوبية لأنها تجري ببطء بالمقارنة مع سرعة تكون ثقب الأوزون . كما أن
ذرات وجزيئات كل من Cl و ClO و NO و HO2 تدخل فيما بينها ومع غيرها
من الغازات بتفاعلات ضوئية كيميائية جانبية نشيطة منتجة مركبات كيميائية مستقرة
غير قادرة على التفاعل من جزيئات O3 وذرات O وبذالك تخرج بعضها
البعض من دائرة التفاعل مع الأوزون، وأهم هذه التفاعلات ما يجري بين NO2 و ClO بوجود جزيء حيادي (M ) منتجة نترات الكلور
:
NO2 + ClO + M → ClONO2 + M
وما يجري بين كل من HO2 وNO وجذور الهيدروكسيل (HO):


والحقيقة فقد تبين مؤخراً إن
استنزاف الأوزون وتشكل الثقب الأوزوني
المذكور يرتبط إلى حد كبير بعامل ديناميكي يتمثل بظهور دوامه هوائية عظيمة
تتركز في طبقة ستراتوسفير فوق القطب الجنوبي مهيمنة فوق
القارة القطبية الجنوبية
كلها وتدعى دوامة القارة القطبية الجنوبية (Antarctic
vortex)، تظهر
في بداية فصل الربيع وتستمر لعدة شهور تطرد الأوزون من أجواء القارة القطبية
الجنوبية وتمنعه من الوصول إليها من العروض الأخرى. ولاحظ العلماء أن ظهور ثقب
الأوزون هنا يبدأ مع ظهور هذه الدوامة الهوائية ويغيب مع غيابها ويأخذ شكلها وأبعادها
.
لتحميل هذا الموضوع Word
طبقة الأوزون - couche d'ozone (أوزونوسفير Ozonosphere) الستراتوسفيرية.Doc
ساهم في النشر
اخترنا لكم
البيانات المناخية أنواعها وطرق جمعها والاستفادة منها (الدرس السادس، تابع دروس المناخ ---------http://www.geopratique.com/2014/12/blog-post_26.html
Posté par الجغرافيا التطبيقية sur mercredi 21 octobre 2015