U3F1ZWV6ZTM2OTAzOTA2MzQ1ODYwX0ZyZWUyMzI4MjE3NTIzNTUyOA==

جغرافية الجبال


من طرف: .د. مضر خليل عمر الكيلاني
المقدمة
            تطورت العلوم و نمت لها تخصصات (تفرعات) جديدة بشكل متسارع خلال العقود الأخيرة . فبعد أن كانت الجغرافيا فرعا من فروع العلوم الاجتماعية ، (تدرس مع بعض في تخصص واحد) ، انفصلت وشكلت حقلا علميا مستقلا بمنهجه وفلسفته ، ثم انقسمت إلى فرعين (شبه منفصلين) هما الجغرافيا الطبيعية و الجغرافيا البشرية . وكل فرع منهما انقسم إلى أفرع أكثر دقة وعمقا في تخصصها واهتماماتها .

فظهرت مسميات جديدة ، فبعضها تخصص و تعمق في دراسة ظاهرة واحدة (جغرافية التسوق Marketing Geography  ، جغرافية السياحة Geography of Tourism ) ، وبعضها تحدد في  دراسة منطقة ذات سمات خاصة (جغرافية المناطق الجافة Geography of Arid Areas، جغرافية البحار والمحيطات Oceanography) . وتبع ذلك أن تخصصت أقسام الجغرافيا في بعض الجامعات بفرع معين من فروع الجغرافيا (الجغرافيا الطبيعية ، الجغرافيا الاجتماعية (الحضارية) ، الجغرافيا الاقتصادية) . وبهذا ابتعدت التفرعات عن الأصل فبرز من يتساءل عن وحدة الجغرافيا (موضوعا وفكرا ومنهجا وفلسفة) . ولسنا هنا في صدد هذا المعترك الفكري ، على أهميته وخطورته ، بل لتسليط الضوء على فرع جديد من فروع الجغرافيا (الشجرة الوافرة التفرعات والأغصان والظلال) . فرع جغرافية الجبال ، وهو من الدراسات الإقليمية وليست النسقيه .

الاهتمام بالجبال
جاء في القرآن الكريم  (وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً ) ، وكلمة اكنان جمع كن وهو ما يستكن فيه كالغار ، كما فسرت كلمة أكنان  بالمياه  و المكاييل . فهي أماكن دفاع صامدة  ،  وهي خزانات المياه الطبيعية ، وفيها الخيرات الكثيرة التي تكال بمختلف أنواع المكاييل و المقاييس . فهي هكذا بمشيئة الخالق .         
والجبل مكان ، والاهتمام بالمكان أزلي ، ويتعاظم التركيز على مكان دون غيره حيثما تصبح له قيمة اقتصادية – سياسية – اجتماعية . فمنابع النيل كانت لها أهميتها في زمن غابر ، وكذا مجاهل إفريقيا ، و العالم الجديد ، والشرق الأوسط ، و الشرق الأقصى ، والقارة القطبية الجنوبية ، ومنابع الأنهار ، وأحواض النفط ، ومصائد الأسماك ، وهكذا . و قد تصدرت  المناطق الجبلية صفحات الصحف 
و المجلات المختلفة منذ القديم ((صورا وأخبارا و معلومات)) ، ولكن ليس بالكثافة التي وصلت إليها بعد عقد قمة الأرض Earth Summet في مدينة ريو دي جانيرو عام 1992 ، و بعد تخصيص فصل كامل (الفصل 13) في جدول أعمال القرن الحادي والعشرين Agenda 21 عن الجبل والستراتيج العالمي نحوه. و كذا الحال عندما عد عام 2002 عام الجبال العالمي  The International Year of The Mountains ، ولهذا تغيرت وجهات نظر الكثير من السياسيين و الاقتصاديين و الباحثين  .
لقد اتسعت و تعمقت رقعة إدراك المجتمع الدولي لأهمية المناطق الجبلية و هشاشة مواردها الطبيعية و صعوبة العيش فيها بعد مؤتمر ريو دي جانيرو. فبعد المؤتمر حظيت هذه المناطق بالاهتمام
و انتقلت إلى مركز الصدارة في المناقشات و الحوارات و الجدل بين الباحثين و الخبراء و الفنيين 
و السياسيين و صانعي القرارات (دوليا و إقليميا ومحليا) . ورافق ذلك حاجة لفهم واقعي لوظائف نظم البيئة الجبلية ، وتأثير التغييرات التي تطرأ على مستوى الكرة الأرضية على هذه البيئات . وقادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة FAO حملة لتعزيز الإدراك العالمي بضرورة إدامة البيئات الجبلية 
و تنميتها (بمناسبة العام العالمي للجبال 2002) . وقد حفز هذا تأسيس 78 مجلسا خاصا يعنى بالمناطق الجبلية وبيئاتها في دول عدة ، وكذلك وضعت برامجا بحثية علمية لهذا الغرض . وفي عام 2004 وقعت 40 دولة و 14 منظمة دولية و 47 مجموعة رئيسة و منظمات غير حكومية على ميثاق المشاركة في الجبل Mountain Partnership . لقد جاء هذا الميثاق نهاية العام العالمي للجبال (في مؤتمر في جوهانزبيرك) وهدفه إيجاد أرضية مشتركة للأبحاث و رسم السياسات policies المتعلقة بالجبال ،
و وضع اجندة اجتماعية و سياسية 
political على مستوى الكرة الأرضية لهذا الغرض . 
لقد جاء هذا الاهتمام بعد سيادة إدراك بأن الجبال معقدة بحد ذاتها ، وأن فيها تنوعا بيئيا كبيرا ، ونظمها البيئية معرضة للمخاطر . وان المناطق الجبلية تغطي حوالي ربع سطح الأرض اليابس ، ويعيش فيها حوالي 12% من سكان العالم . وميزتها عن غيرها عموديتها ، ولهذا فان التباينات فيها كبيرة  في الظروف المناخية والنباتية ، وفيها تنوعا حيويا كبيرا Biodiversity ، وإنها توفر سلعا وخدمات أساسية ليس لسكانها فقط ، ولكن لسكان المناطق السهلية المجاورة لها أيضا .
ويضاف إلى ذلك ، أنها تتعرض لمخاطر بيئية كبيرة نتيجة ما يطرأ على نطاقات مناخ للأرض . وفيها تحدث المخاطر الطبيعية مثل اضطرابات البحيرات الجليدية و انزلاق الأرض وزحف التربة والهزات الأرضية و البراكين . و تجري فيها تغيرات سكانية Anthropogenic و تبدلات في استعمالات الأرض والغطاء الأرضي و تتراكم فيها الترسبات الحامضية وترتفع فيها  تراكيز ثاني اوكسيد الكاربون . وبسبب حساسية نظمها البيئية و تنوعها فقد عدت مؤشرات indicators تقاس على أساسها تغيرات البيئة عالميا . وان هذه الحساسية قد وفرت فرصا فريدة لتحديد و نمذجة العمليات المؤدية إلى تغيرات البيئة عالميا و تحليلها و قياس تأثيراتها على الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية في المناطق الجبلية .
ولا ينسى فإن سكان المناطق الجبلية قد طوروا تنوعا ثقافيا غنيا ، وتكيفت حياتهم للظروف الصعبة . وعبر تاريخهم أوجدوا تقنيات متطورة للزراعة ، ولاستخدام المياه و الغابات و الاتصالات . وجاء تنوع المحاصيل في المناطق الجبلية نتيجة التباين في الارتفاع عن مستوى سطح البحر ، و التباين في مواجهة أشعة الشمس . ورغم هذا وبسبب العزلة وصعوبة الوصول إليها وفيها فقد همشت المناطق الجبلية وسكانها اقتصاديا وسياسيا في العديد من الدول والأقاليم ، حيث تتوافر لهم فرصا اقل من غيرهم للاتصالات العصرية و البنى التحتية و التعليم و الصحة . ففي بيرو Peru على سبيل المثال لا الحصر ، فان فقر الدم وسوء التغذية ملاحظان وبنسب عالية بين الأطفال دون السن الخامسة من العمر في المناطق الجبلية مقارنة مع المعدل الوطني للمجموعة العمرية نفسها .
ومن اجل فهم أفضل للنظم البيئية الجبلية و تنوعها ، وكذلك لمراقبة تأثير التغيرات العالمية على هذه النظم فقد تولدت حاجة إلى استحداث شبكة مواقع مراقبة monitoring sites  . وفي الوقت الراهن ، فان عدد هذه المواقع قليل جدا بسبب صعوبة الوصول  ، وخاصة في إفريقيا و آسيا وأمريكا الجنوبية . وعلى المستوى العالمي فهناك نقص كبير في مراقبة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجبلية . فنتيجة تزايد الضغط السكاني على النظم البيئية للأرض فان الطلب على الموارد الجبلية (الماء مثلا) في ازدياد حلزوني المسار ، وان احتمالات التعارض و التصادم على استخدام هذه الموارد في ازدياد مضطرد. ولتجنب التعارضات الحادة ، ولصيانة وإدامة البيئات و تنميتها فان حماية نظم البيئة الجبلية
و تحسين إدارتها أصبح أمرا لا مناص منه ، ومسئولية دولية و محلية في الوقت نفسه ،  وذلك من خلال تعميق الملاحظة والمراقبة وتوسيع رقعتها و الربط بشبكة دولية ذات علاقة . فالمناطق الجبلية هي أماكن  إنذار مبكر عند العديد من الباحثين والمنظمات الدولية والمحلية لما يجري من تغيير بيئي على مستوى الكرة الأرضية .
ومن اجل تنظيم عملية المراقبة الدولية لما يجري في المناطق الجبلية وتسجيل التأثيرات البيئية فيها فقد حددت مواقع مراقبة ، و وجهت دعوة إلى الدول و المنظمات الحكومية و غير الحكومية و المؤسسات العلمية للمشاركة في برنامج دولي يغطي الكرة الأرضية لهذا الغرض . فاستحدث موقعا إلكترونيا على الشبكة الدولية لمنتدى الجبل The Mountain Forum الذي هدفه تبادل المعرفة و المعلومة والحوار في المسائل التي تتعلق بالجبال . والمساهمة فيه مفتوحة للجميع أفرادا و مؤسسات وكل من يعنية الجبل 
و حضارة سكانه و البيئات التي يحتويها و تنميتها وإدامتها . وقد تشكل المنتدى بعد عقد قمة الأرض عام 1992 ، وبالإمكان الحصول على نشرات إخبارية إلكترونية منه يضاف إلى ذلك استحداث Mountain Module & TEMSلتسهيل عملية الحصول على المعلومات ، ومعرفة المواقع ذات الصلة ولتسجيل المؤشرات المعتمدة للمراقبة و الحصول على البيانات و الخرائط . وبالإمكان توجيه الأسئلة والتقصي queries للحصول على الإجابة ، فهدفه ربط البيئة الجبلية عالميا بقواعد بيانات اجتماعية واقتصادية و كل ما يتعلق بالبيئة الجبلية .
ومن الضروري التعريف ببعض ما ورد في الفصل (13) (إدارة النظم الايكولوجية الهشة : التنمية المستدامة للجبال) في اجندة عمل القرن الحادي والعشرين ، حيث جاء فيه
" 13 – 1  إن الجبال مصدر هام للمياه والطاقة والتنوع البيولوجي . وعلاوة على ذلك ، فهي مصدر لموارد رئيسية مثل المعادن ، والمنتجات الحراجية ، والمنتجات الزراعية والاستجمام . وحيث أن البيئات الجبلية هي نظام ايكولوجي رئيسي يمثل ايكولوجية كوكبنا المعقدة والمترابطة ، فان هذه البيئات أساسية لبقاء النظام الايكولوجي العالمي . إلا أن النظم الايكولوجية للجبال آخذة في التغير السريع . وهي معرضة لتحات التربة المتسارع ، والانزلاقات الأرضية ، وسرعة فقدان الموائل والتنوع الجيني . وفيما يتعلق بالبشر ، فان الفقر ينتشر على نطاق واسع بين سكان الجبال وتتعرض المعارف الأصلية للزوال . ونتيجة لذلك ، تشهد أكثر المناطق الجبلية في العالم تدهورا بيئيا . ومن ثم ، فان الإدارة السليمة للموارد الجبلية والتنمية الاجتماعية – الاقتصادية المتعلقة بالسكان تقتضي اتخاذ إجراءات فورية . "
" 13 – 5  أهداف هذا المجال البرنامجي هي :-
(أ) إجراء دراسة استقصائية لمختلف أشكال التربة ، والغابات ، واستخدام المياه ، والمحاصيل ، والنباتات ، والموارد الحيوانية للنظم الايكولوجية الجبلية ، مع مراعاة أعمال المنظمات الدولية والإقليمية القائمة :
(ب) إنشاء قاعدة بيانات ونظم للمعلومات والحفاظ عليها من اجل تسهيل التقييم الإداري والبيئي المتكامل للنظم الايكولوجية الجبلية ، مع مراعاة أعمال المنظمات الدولية والإقليمية القائمة :
(ج)  تحسين وبناء قاعدة المعارف الايكولوجية البرية \ المائية القائمة فيما يتعلق بالتكنولوجيات وبالممارسات الزراعية وممارسات الصون في المناطق الجبلية في العالم ، وبمشاركة من المجتمعات المحلية :
(د) إنشاء وتعزيز شبكة اتصالات ومركز لتبادل المعلومات من اجل المنظمات القائمة المعنية بمسائل الجبال :
(هـ) تحسين تنسيق الجهود الإقليمية لحماية النظم الايكولوجية الجبلية الهشة عن طريق النظر في وضع آليات مناسبة ، بما في ذلك الصكوك القانونية الإقليمية وغيرها من الصكوك :
 (و) توليد معلومات لإنشاء قواعد بيانات ونظم للمعلومات من اجل تسهيل إجراء تقييم للمخاطر البيئية والكوارث الطبيعية في النظم الايكولوجية الجبلية . "
( ج ) التعاون الدولي والإقليمي
13 – 18  ينبغي أن تقوم الحكومات على المستوى المناسب ، وبدعم من المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بما يلي :
(أ‌)        تعزيز دور معاهد البحوث والتدريب الدولية المناسبة مثل الفريق الاستشاري المعني بمراكز البحوث الزراعية الدولية والمجلس الدولي لبحوث وادارة التربة ، وكذلك مراكز البحوث الإقليمية ، مثل معاهد غابات الجبال ، والمركز الدولي للتنمية المتكاملة للجبال ، من اجل الاضطلاع بالبحوث التطبيقية ذات الصلة بتنمية مستجمعات المياه :
(ب‌)    تعزيز التعاون الإقليمي وتبادل البيانات والمعلومات فيما بين البلدان التي تتقاسم نفس السلاسل الجبلية وأحواض الأنهار لاسيما البلدان المتأثرة بالكوارث الجبلية وبالفيضانات :
(ج) إدامة واقامة علاقات مشاركة مع المنظمات غير الحكومية والجماعات الخاصة الأخرى العاملة في مجال تنمية مستجمعات المياه ."

الجامعيون والجبال
            يمثل الجبل مادة علمية غنية للدراسة والتقصي ، وفيها تشترك العلوم المختلفة ، لذا تشكلت مؤسسات علمية متعددة التخصصات Multidisciplinaryتعنى بالجبال . وقد كان الاهتمام في البداية منصبا على الجوانب الطبيعية ، ولكن وبعد الالتفات إلى السكان المهمشين فيها و الاهتمام بالتنمية البشرية وإدامة البيئة  فقد توجه الباحثون من العلوم الاجتماعية لدراسة سكان المناطق الجبلية ، و أضحت المشاريع البحثية الكبيرة فيه تنجز من خلال فرق عمل متعددة التخصصات .
وقد كانت فرنسا سباقة (منذ عام 1913) في تخصيص كورس دراسي في جامعاتها عن الجبال تحت عنوان Revue de Géographie Alpine لدراسة جبال الألب  ، وقد عمد Carl Troll إلى استحداث لجنة ضمن اتحاد الجغرافيين العالمي IGU لدراسة جغرافية بيئة المناطق المرتفعة  وذلك عام 1968 ،Commission on High Altitude Geoecology وقادت دراسات هذه اللجنة إلى صياغة برنامج بحثي عن الإنسان والغطاء الحيوي Man and Biosphere  رمز لهMAB تبنته منظمة UNESCO ، وخلال عقد السبعينات من القرن الماضي ركزت المشاريع البحثية فيه على العلاقة بين النشاطات الاجتماعية – الاقتصادية للإنسان مع البيئة الطبيعية . وكان التركيز أول الأمر على اثر السياحة على جبال الألب في النمسا  ثم على الألب السويسرية . وقد اعتمدت نماذج متطورة في الدراسة ، بما فيها نظم المعلومات الجغرافية GIS  وقد اعتمدت دولا أخرى الأفكار والآراء ذاتها مثل الصين وكينيا . وقد طور برنامج MABنماذجا أدرا كية عن العلاقة بين سكان الجبال والبيئة ، وساعد في رسم سياسات عن الرفاه الاجتماعي و التنمية في هذه المناطق .
وفي عام 1989 صدر كتاب عن معظلة جبال  الهمالايا لمؤلفيه Ives & Messerli
The Himalayan dilemma: reconciling development and conservation الذي عد نظرية عن تداعي بيئة الهمالايا ، وقد جلب هذا الكتاب الانتباه إلى فقدان الغابات و نقص الموارد المائية في المناطق الجبلية . وعلى ضوء ذلك  ، و جراء الجدل الذي أثير حول الموضوع فقد جاء الفصل (13) في اجندة 21 المذكورة آنفا ليحدد المسئولية المحلية والدولية ضمن برنامج عمل متكامل .
وفي أيلول عام 1996 تجمع أكاديميون قصد استحداث مركز دولي لتبادل المعرفة والخبرة المتعلقة بإقليم Kara Koran الجبلي في باكستان هدفه جمع الأبحاث والخرائط والمقالات و الكتب 
و التسجيلات الصورية والصوتية و المرئيات وكل ما يتعلق بالإقليم أرضا وشعبا . وقد جمعت وثائق ومطبوعات في مختلف الميادين : الغابات ، الجيولوجيا ، البيئة ، الجغرافيا الطبيعية و الحضارية ، علم الإنسان الاجتماعي ، علم الأجناس ، الدراسات اللغوية ، التراثيات والأدب و أدب الرحلات . وقد استحدث موقعا في الشبكة الدولية لهذا الغرض . وقد تصاعد الاهتمام بالجبال في باكستان لتخصص لها أسبوعا سنويا (في شهر نيسان)
  ينظر الجدول (1) لمعرفة بعض المواقع على الشبكة الدولية ذات الصلة .
وللمدة 30 \ 8 – 2 \ 9 \ 1999 عقدت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم السلسلة الثالثة من اجتماعات تخصصية تعنى في تنمية المناطق الجبلية . واستضافت الأستاذ Roger Barry من قسم الجغرافيا في جامعة كولورادو الأمريكية ليتحدث عن اثر الذبذبات المناخية على جبال أمريكا . واستحدث معهد التغيرات البيئية التابع إلى جامعة اوكسفورد برنامجا علميا تحت عنوان " الأقاليم الجبلية و صيانتها Mountain Regions & Conservation  وللمدة 30 \ 9 – 4 \ 10 \ 2001 عقدت الندوة العالمية عن جبال سويسرا. وعرض مركز أبحاث الجبال التابع إلى جامعة مونتانا الأمريكية منحا دراسية لمن يتخصص بالجبال .  ولم تكن الجبال ودراستها حصرا على الجامعات و المؤسسات العلمية ، بل وحتى الدراسة الابتدائية والثانوية . فالمواقع التعليمية المختلفة تقدم الكثير من المعلومات عن الجبال من حيث تكونها ، النباتات و الحيوانات فيها ، مع صور وأفلام و خطط درس و نشاطات صفية ولاصفية تساعد المعلم والطالب و ولي أمر الطلبة في استيعاب موضوع مهم . كما صدرت مجلات علمية متعددة التخصصات تعنى بالجبل ، مثل : Mountain Research & Development Journal  
و مجلة
 Journal of Alpine Research ، وخصصت أعدادا في مجلات مثلNational Geographic (عدد شهر كانون ثاني عام 2002) عن الجبال ، إضافة إلى أسبوع إدراك الجبل (في تشرين ثاني 2001) .  وعند حساب تكرار كلمةMountains في الكتابات العلمية المنشورة في اللغة الإنكليزية بين عامي 1990 – 2002 فإنها قد وردت (9912) مرة .
هذا غيض من فيض ، و قد كان للجغرافيين اليد الطولى في هذا الاهتمام ، لذا افرد لهم حيزا في هذا المقال ، لتسليط الضوء على بعض النشاطات و الفعاليات ذات الصلة بالاهتمام و دراسة الجبال . 

الجغرافيون و الجبال
            يرجع الاهتمام بالجبال والتباينات المكانية فيها إلى الكسندر فون هامبولت حيث ربط بين الارتفاعات في الجبال و الظواهر الطبيعية الأخرى فيها ، خاصة المناخ والنبات ، وقد طور كارل ترول هذه الأفكار عندما اهتم بدراسة جبال الألب و البيئات التي تضمها . وقد أفردت معظم كتب الجغرافيا فصولا عن الجبال ، ومنذ أوائل القرن الماضي (في البشرية Peattie 1936 وفي الطبيعية Miller 1953) ، والعديد غيرها. ولم يبق الأمر محصورا بالكتب المنهجية ، بل تعداه إلى الأبحاث والدراسات الميدانية وتشكيل تجمعات تخصصية تعنى بالجبال . فقد اشتركت الجمعية الجغرافية البريطانية RGS مع معهد الجغرافيين البريطانيينIBG عام 1998 في استحداث مجموعة تخصصية و دعمت بصفحة على الشبكة الدولية ، هدفها توفير قاعدة معلومات عن الجبال. و تعقد المجموعة مؤتمراتها السنوية في أوائل شهر كانون ثاني من كل عام ، وقد كان المؤتمر الأول في جامعة Sussex عام 2000 . وفي آذار من عام 1999 استحدثت جمعية الجغرافيين الأمريكان AAG مجموعة مماثلة MGSG وخلال عام واحد انظم إليها اكثر من مائة عضو . وتصدر نشرة إخبارية إضافة إلى مجموعة من النشاطات العلمية والإعلامية ذات العلاقة بالجبال . فمن نشاطاتها مؤتمر سنوي ، وموقع على الشبكة الدولية  و منح للباحثين و الطلبة عن الأبحاث المتميزة عن الجبال . وفي نيسان من عام 2000 عقدت حلقة نقاشية انصب الحوار فيها على: المخاطر التي تتعرض لها المناطق الجبلية ، اثر الرياح عليها ، تركيبتها و الأنماط التي تشكلها ، الثلاجات، الجغرافية الحياتية في الجبال ، و مسائل صيانة الجبال وإدامة بيئاتها  ، وانتهت بجلسة عن المشاكل و الأولويات . وقد تنوعت النشاطات فيها بين محاضرات و بوسترات و أبحاث ، واشتراك فيها باحثون من جامعات من مختلف أرجاء الولايات المتحدة . وفي عام 2001 عقدت حلقة نقاشية خاصة ركز فيها على : السكان والبيئة الجبلية ، و تفاعل الأرض والهواء و الكائنات الحية في الجبال . وفي مؤتمر عام 2005 تقدم (50) خمسون متحدثا عن الجبال في مؤتمر المجموعة التخصصية .
          وتسابقت أقسام الجغرافيا لدراسة الموضوع و القيام بنشاطات ميدانية وبحثية . فقسم الجغرافيا والتخطيط في جامعة Appalachian State Universityنظم كورسا صيفيا خلال شهر تموز من عام 2000 ضم (13) طالبا وطالبة من الدراسات الأولية والعليا ، تبع ذلك القيام برحلة لدراسة جبال الانديز . وفي هذا الكورس كان التركيز على مواد : الثلاجات وتراجعها ، التنمية الريفية ، الرعاية الصحية الأولية، تطبيقات في نظم المعلومات الجغرافية و GPS و تقنيات التحسس النائي . وفي العام نفسه قام مجموعة من طلبة وأساتذة قسم الجغرافيا في جامعة Tennessee بدراسة ميدانية عن الثلاجات و التاريخ المناخي والنباتي لجبال إقليم Chirripo في كوستاريكا . وقام قسم الجغرافيا في جامعة South Carolina بسلسلة أبحاث عن شمالي جبال سيرا نيفادا . أما قسم الجغرافيا في جامعة Central Washington University فقد نظم دراسة ميدانية لحوض الاوريكون والسلسلة الجبلية . وهي منطقة شبه جافة ، قليلة السكان ، تقع جنوب شرق ولاية اوريكون . وفيها جبال كاسكيد البركانية و الغابات الصنوبرية و الحياة البرية ، وتضاريسها معقدة بسبب البراكين و الطقس المتطرف . هذا بعض ما نقلته النشرات الأخبارية لمجموعة دراسة الجبال التخصصية التابعة إلى جمعية الجغرافيين الأمريكان . ومن المهم الإشارة إلى أن علم الخرائط Cartography و نظم المعلومات الجغرافية GIS و تقنيات التحسس النائي RS قد ساهم المختصون بها في دراسة الجبل مستندين على فكرة  أن التمثيل الخرائطي للجبال يساعد في استيعاب التنظيم المكاني للنظم البيئية فيها . وقد انفردت مجموعة لهذا الغرض ، سواء في الاتحاد العالمي للخرائطيين أو في منظمة الأغذية و الزراعة للأمم المتحدة FAO .
وقد أشير سابقا إلى أن دراسة الجبال هي من نوع الدراسات الإقليمية و ليست النسقية (كما هو الحال مع دراسة الاستيطان ، الجيومورفولوجيا ، الطقس ، المناخ المحلي ، وغيرها) . وأجد ضرورة توضيح طبيعة الدراسة الإقليمية في الجغرافيا ، حيث يتملكني إحساس بسوء فهم البعض لماهية هذا النوع من الدراسة و طبيعتها . وبعد ذلك يتم تسليط الضوء على جغرافية الجبال و مفرداتها . 

طبيعة الدراسة الإقليمية
الدراسة الإقليمية   Regional Study في الجغرافيا هي دراسة منطقة محددة ذات معالم موحدة لها (متغير واحد أو أكثر) ، و تشكل المنطقة المختارة بما فيها من تباينات طبيعية وبشرية نظاما System (بشري أو طبيعي ، أو الاثنين مع بعض) . وهذا النظام مفتوح على أقرانه يتفاعل معها مع الحفاظ على خصوصيته (شخصيته الإقليمية ومكانته الحضارية) . ويرى الجغرافيون أن التباين (طبيعي أو بشري) داخل الإقليم يشكل مصدر قوة و متانة له طالما تفاعلت عناصر النظام فيه مع بعض بإيجابية وشفافية . وتسوء الحالة عندما تستغل التباينات لإثارة المشاكل والعقبات أمام تطوره وتقدمه . فضعف الإحساس بوحدة النظام (الإقليم) والانتماء إليه قد يؤدي إلى  تعارض مصالح عناصر النظام  وتناحرها ، وبالتالي تشل حركة الأخذ والعطاء (الحياة الطبيعية) في النظام . وليس هذا صحيحا في الجانب البشري فقط ، بل وفي الجانب الطبيعي عندما تحدث حركات تكتونية أيضا . فالنظام قد يتلاشى ليحل نظام آخر مكانه .  
         وعندما يدرس بلد Country  أو وحدة إدارية  County (عد إقليما – نظاما سياسيا أو إداريا) يبدأ بتحديد الموضع والموقع ، يعني الأول رقعة الأرض المقصودة بالدراسة ،  و يؤشر الموقع خطوط الطول ودوائر العرض للموضع وما يحيط به من بلدان وأقاليم ومسطحات مائية .  وكلاهما ، الموضع والموقع ، يحددان الكثير من المعطيات الجغرافية التي تدرس لاحقا . فالمسافة عن خط الاستواء لها علاقة بنوع المناخ ، وكذا القرب والبعد عن المسطحات المائية . ومساحة الإقليم توحي بما يمكن أن يضمه من تنوع طبيعي وبشري . فهي ليست أرقاما لا معنى لها ، بل هي مقاييس علمية يستدل من خلالها على الكثير من المعلومات . إنها مفتاح معرفة جغرافية المنطقة .
         وبعد معرفة الموضع والموقع والمساحة يسلط الضوء على التركيب الجيولوجي ، ويحدد هذا طبيعة التضاريس و نوعية الموارد الطبيعية في الإقليم ، وبالتأكيد لهذا اثر كبير على حياة سكان الإقليم . ثم يعرج على التضاريس ، التي بدورها تشكل محورا جوهريا لمعرفة ظروف المناخ ، والتربة و النبات الطبيعي في الإقليم .  ويعتمد البعض في التدريس طريقة الخرائط الطبقية ، حيث ترسم خارطة صماء للإقليم تحدد فيها إحداثيات الطول والعرض وحدود منطقة الدراسة ، ويكون الرسم على ورق شفاف (يستخدم لأجهزة العرض الرأسي over head ) . وتسقط  على الخارطة الأساس بعد ذلك خرائط (طبقات layers) السطح ، الحرارة ، المطر ، النبات الطبيعي ، الموارد المائية ...... الخ . ويطلب من التلاميذ \ الطلبة الاستدلال بصريا على العلاقة بين التوزيعات السابقة ، ثنائيا و إجمالا .
         برسم ملامح الصورة الطبيعية (عناصر النظام الطبيعي) ، صورة البيئة التي يعيش الإنسان فيها وينشط  تأتى مرحلة تسليط الضوء على عناصر النظام البشري و ارتباطها المكاني مع عناصر النظام الطبيعي . ويركز على توزيع المستقرات البشرية (المستوطنات) والأنماط التي تشكلها ، وشريان الحياة (النقل) ، والنشاط الاقتصادي (زراعي ، صناعي ، تعدين ، تجاري ، خدمي ، ............ الخ) . ومن اجل أن تكون الدراسة الإقليمية صحيحة و مفيدة فالربط جوهري بين عناصر النظام الطبيعي مع بعضها ، والربط بين عناصر النظام البشري مع بعضها من جهة و بينهما مع بعض من جهة أخرى . فالغابة ليست مجموعة أشجار متجاورة  ، بل هي نظام بيئي (حياتي) متكامل .  ودراسة شجرة منها لا يعني استيعاب ما تعنيه الغابة . فالكل نظام و الجزء عنصر يفقد قيمته عندما ينظر إليه بمعزل عن موقعه و دوره في النظام . فالدراسة الإقليمية هي دراسة نظام حياة منطقة معينة . فالغابة إقليم جغرافي صغير ، وهي نظام بيئي حياتي متكامل يشمل الأشجار والأرض و كل ما يعيش عليهما في هذا الإقليم من كائنات حية . 
يستدل من هذا ، إن الإقليم ، مهما كان حجمه و طبيعته ، يدرس جغرافيا كنظام مكون من مجموعة من العناصر المتفاعلة والمكملة لبعضها . وديمومة هذا النظام و حيويته ترتكزان على (نظافة) قنوات الاتصال والتفاعل بين عناصره . فالإحساس الذاتي لهذه العناصر بأنها جزء من كل ، وان ما يحدث في جزء ينعكس سلبا وإيجابا على الكل هو الذي  يعطي النظام وجوده . فالأسرة نظام ، والقبيلة نظام ، والوطن نظام ، والعالم نظام ، والكون نظام . وكل واحد من هذه النظم هو عنصر component في النظام الذي يليه في الهرم Heirarchy . والحال كذلك في النظم الطبيعية أيضا . إنها دليل على وحدة الخالق .        
إقليم الجبال
للوهلة الأولى  ، تشكل الجبال مظهرا أرضيا متميزا ، بارتفاعاتها و الأشكال التي تكونها . ولكن في الواقع فان تميزها يفوق ذلك بكثير . فالجبل (و \ أو السلسلة الجبلية ) هو إقليم طبيعي متكامل ، فيه تتواجد و تتباين مكانيا معظم (إن لم يكن جميع) المعطيات الجغرافية للإقليم الكبير الذي يقع فيه (الاستوائي، المداري ، المعتدل ، البارد ، ... الخ)  . فالتباين النوعي – المكاني فيه يفوق التصور ، فمع التدرج في الارتفاع عن مستوى سطح البحر تتدرج عكسيا درجات الحرارة  والرطوبة ، وتتباين كثافة الغطاء النباتي ونوعيته ، و سمك التربة ونوعها . وهناك نجد الاختلاف مكانيا واضحا في زاوية سقوط أشعة الشمس و مواجهة الرياح ، وهذه وغيرها من العوامل تجعل البيئة الجبلية شديدة التعقيد . وعلى الرغم من ذلك ، فهذا الإقليم لم يعط حقه في الدراسة  التفصيلية. فالجغرافيا الطبيعية ، وحتى  الإقليمية ، تتعرضان للمنطقة الجبلية بمنظور عام دون الغوص في التباينات المحلية ودون ذكر حالة دراسية معمقة . فالاهتمام منصب على الأنماط العامة المشتركة فقط  .
ولا بأس ، لتكن الأنماط العامة (طقس ومناخ ، جيومورفولوجيا ، نشاطات اقتصادية ، استيطان ، ..... الخ) نقطة الانطلاق لدراسة تفصيلية هدفها تحديد شخصية كل جبل و \ أو سلسلة جبلية . فالجبل يشبه المدينة ، الفارق في التركيز على المعطيات الطبيعية اكثر من البشرية بحكم طبيعة البيئة (في الجبل بيئة صنعها الخالق ، والمدينة بيئة صنعها الإنسان) .  ولعل المقارنة بين الجبل والمدينة توحي بالكثير ، وتثير نقاشا و جدلا ، وهذا هو المطلوب . (ينظر جدول 2) ، فالمدينة درست وبعمق وسعة لأن الإنسان صنعها ، ولأنه يعيش فيها .
         وموضوع الجبال ليس مادة دراسية فحسب ، بل مواضيع للبحث والتقصي أيضا . حيث اهتمت الدراسات الجيمورفولوجية بالتعرية والتجوية في المناطق الجبلية ، إضافة إلى الاهتمامات الجيولوجية التقليدية في التركيب والتكوين . أما في المياه فللجغرافيين يعود مصطلح أبراج المياه Watertowersوقد اهتموا بتراجع مناطق التغذية و ما تتعرض له من تعرية وضياع للمياه . وقد ربطت الدراسات الجغرافية جميعها بين مناطق المرتفعات و المناطق السهلية المتاخمة لها ، مركزة على الإدارة التعاونية لمجاري الأنهار وأحواضها  ، و موجهة الأنظار إلى ضرورة صيانة البيئات الجبلية وأدامتها . واهتمت الأبحاث الجغرافية بخط الأشجار وما يصاحبه من كائنات حية وما يطرأ على هذا الخط من تغير . كما اهتم الجغرافيون بالثلاجات و بالمشاكل التي تواجه الغابات الباردة ، وبالمسائل التقنية المصاحبة لاستخدام النماذج ذات الصلة .
كما توجه البعض لدراسة  التنوع الحيوي و تمويل المياه و التعرية والمخاطر التي تتعرض لها المناطق الجبلية . وقد اشترك باحثون في مشاريع بحثية هدفها جمع بيانات عن أعالي الجبال . وفي الوقت نفسه اهتم آخرون بدراسة تاريخية للبيئة الجبلية من اجل فهم افضل لدينامية التغيرات المناخية . وقد أثمرت بعض الدراسات عن إنتاج أطلس خاص بجبال إفريقيا و جبال الانديز . وقد حاول البعض الربط بين التغيرات المناخية و جدولة زراعة المحاصيل في الأقاليم الجبلية . 
وقد أشير آنفا إلى التوجه العالمي لدراسة العلاقة بين البيئة والإنسانMAB و إدامتها و صيانة الحياة فيها . وقد عنت الأبحاث باختبار النظم الراهنة (مياه ، غابات ، ارض ، إدارة السياحة) و درجة تلبيتها لمعايير صيانة البيئة وإدامتها  . فالبعض اهتم بالتصحر و تراجع الغابات ، كما تعاظم الانتباه إلى التنوع غير المتجانس في بعض البيئات و  أثره على التعارض والصراع من اجل البقاء . 
وركز البعض على السياحة والسياحة البيئية ، وخاصة في جبال الألب و الهمالايا وغيرها من السلاسل الجبلية بقصد معالجة التعارض بين التنمية الاقتصادية و صيانة البيئة وإدامتها . وفي المناطق الجبلية يرتبط الجذب السياحي بالعاملين الطبيعي والحضاري ، رغم انهما متعارضين في كثير من الأحيان. فقد حاولت بعض الدراسات تحليل عوامل فشل أو نجاح مشاريع التنمية السياحية في بعض الأقاليم الجبلية . وإجمالا ، ما زالت هذه الدراسات بحاجة إلى أرضية نظرية تستند عليها ، فما موجود هو محدود جدا .
ويرى البعض أن الحاجة الآن إلى أبحاث تصب في رسم السياسات الرسمية وصناعة القرارات ، وان الدراسات السابقة قد ركزت على طاقة البيئة على التحمل Carrying Capacity التي رفضها البعض ، ولكنها عادت بمسميات جديدة مثل الأثر البيئي Ecological Footprint . وفي جميع الأحوال بقيت الجبال مركزا سياسيا مهما للثورات والانتفاضات والتمرد ، فهي صعبة الإدارة والتحكم .

الخاتمة
الجبال جزء من بيئة العراق وتضاريسه ، وقد عانت هذه البيئة من الكثير من الإهمال و سوء التعامل معها . وقد آن الأوان لأن نتعرف عليها عن كثب ، و ندرسها من مختلف الجوانب و المعطيات . لقد تأخرنا في الكثير، ولا يحق لنا أن نتخلف أكثر ، على الأقل فيما يخص بيئتنا ، مستقبل أجيالنا . هذا المقال دعوة لدراسة ميدانية لبيئة الجبال في كوردستان ، وعلى الجغرافيين أن يكونوا سباقين في هذا المجال .
فجغرافية الجبال هي فرع من فروع الجغرافيا ، تعنى بالجبال حيث تدرس التنظيم المكاني للنظم البيئية الممثلة فيها  والمكونة لنظام الحياة في الإقليم . إنها دراسة إقليمية (الإقليم الجبلي بجميع مفردات الدراسة الإقليمية في الجغرافيا) ، وهي دراسة بيئية (تحليل النظم البيئة في الإقليم الجبلي مكانيا و صيانتها و ديمومتها)  ، وطبيعتها منظورها  التطبيقي (تخدم المجتمع وصانعي القرارات باتجاه حل مشكلة) ،  وذات منهج نظامي (الربط بين عناصر النظم الطبيعية والبشرية وتفاعلها مع بعض) . فهي تدرس كل مكونات شخصية الجبل ، الطبيعية والبشرية و تداخل تأثيراتها ونتائجها . والبحث عن شخصية الجبل إنما هو تحليل للملامح الطبيعية و البشرية التي  ميزته عن غيره من الجبال ، القريبة والبعيدة . فالأشخاص متشابهون في الكثير و لكن شخصياتهم متفردة ، كذلك المدن ، وكذا حال الجبال . فما هو المشترك بينها ؟ وبماذا تتفرد  ؟ هذا ما علينا تقصيه و توثيقه . وليس هذا مستحيلا، ولكنه يحتاج إلى عزيمة  ومثابرة.

تحميل هذا الموضوع






تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة