بحث الإجازة: الموارد والتنمية المحلية بالجماعة القروية دار العسلوجي


مقدمــــة البحث:

تكتسي دراسة الموارد والتنمية المحلية بالعالم القروي، أهمية كبرى بحكم أنها تهدف إلى الوقوف على مكامن القوة والضعف داخل المجال القروي، والإنطلاق منها لوضع إستراتيجية تنموية كفيلة بتحريك عجلة النمو، وإيقاف مسلسل التراجع الذي يعرفه العالم القروي.
ذلك أن إشكالية التنمية القروية بالمغرب ظلت ولوقت طويل مطبوعة بتعبئة غير كاملة للإمكانيات المتاحة في الأرياف، بفعل المقاربة القطاعية والتدبير المركزي، غير أن هذه المقاربة أصبحت متجاوزة في الوقت الراهن، وحل محلها مفهوم التنمية القروية التي تحيل إلى مسلسل شمولي مركب ومستمر يستوعب جميع التحولات الهيكلية التي يعرفها العالم القروي، بغية الوصول إلى التنمية الحقيقية المستدامة.

وبذلك فالتنمية المحلية سيرورة في الزمن لتنويع وتقوية الأنشطة الإقتصادية والعلاقات وتحسين الظروف الإجتماعية، داخل مجال جغرافي محدد أي الإنطلاقة من الخصوصيات المحلية في مختلف الميادين عوض العمومية الوطنية.

إن الإهتمام بالعالم القروي ليس وليد اليوم، فقد عمل الإستعمار مند دخوله للمغرب على الإستيلاء على أجود الأراضي خاصة بسهل الغرب، حيث عمل المستعمرعلى تجفيف المستنقعات واستصلاح الأراضي وتشييد مجموعة من السدود من أجل إنتاج الطاقة وإيجاد مياه الشرب وتبقى غاية المعمر من هذه السياسة "التنموية"، ربط المغرب إقتصاديا بفرنسا، من أجل تلبية حاجيات المعمر من المنتوجات الفلاحية.

وبعد الإستقلال، شكلت المجالات القروية بالمغرب إحدى ركائز التنمية في البلاد، حيث ثم إعتبار القطاع الفلاحي عمود الإقتصاد الوطني ومحركا أساسيا للتنمية الإقتصادية، ويظهر ذلك في مجموعة من المخططات الخماسية (1968-1972) و(1973-1977)... والتي اهتمت بتطوير القطاع الفلاحي عن طريق بناء السدود، وإنشاء التجهيزات الهيدروفلاحية ودعم وإنتاج السكر والحليب والإهتمام بالمزروعات التصديرية، وكذا تكوين الموارد البشرية عن طريق إنشاء معاهد تهتم بالقطاع الفلاحي.

كما أن الظروف الداخلية جعلت الدولة تهتم بالقطاع الفلاحي، إذ أن جل المغاربة كانوا يعيشون في الوسط القروي، لهذا فالقطاع الفلاحي له أهمية على مستوى التشغيل، وعلى مستوى ضمان الإكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الفلاحية، والنسبة المهمة التي يمثلها داخل الناتج الداخلي الخام، فضلا عن دوره المهم في المبادلات التجارية الخارجية.

وبالرغم من المجهودات التي قامت بها الدولة المغربية من أجل الرفع من مستوى التنمية الفلاحية بالعالم القروي، فإن هذا الاهتمام الناتج عن  المقاربة القطاعية، كان على حساب التنمية القروية الشاملة لجميع القطاعات منها الإجتماعية.

وكانت نتيجة هذا الإهمال ظهور مجموعة من المشاكل الإجتماعية متجلية خصوصا في إنتشار الأمية، وضعف التغطية الصحية، سوء ظروف السكن، مشاكل التزود بالماء والكهرباء،و أخرى مرتبطة بالعزلة، وضعف التجهيزات الأساسية وغياب أنشطة مكملة للأنشطة الفلاحية.

 وما زاد من مظاهرالتأخر هو تطبيق سياسية التقويم الهيكلي في بداية الثمانينات وبالضبط إنطلاقا من سنة 1983 حيث عرفت هذه الفترة تراجع الدولة عن وظيفتها التنموية خاصة في الميادين الإجتماعية وإقتصارها على بعض التدخلات المحدودة.

وبالإضافة إلى ذلك نجد التطورات التي يعرفها المحيط الخارجي، خاصة في الميدان الفلاحي وتوقيع المغرب لمجموعة من الإتفاقيات الدولية فيما يخص التبادل الحر، الشيء الذي يجعل بلادنا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الإستسلام والانغلاق والموت البطيء، أو رفع التحدي لمواجهة هذا الإنفتاح وربح رهانات التنافسية، عن طريق وضع برامج واستراتيجيات متكاملة وشاملة لجميع القطاعات من أجل مواكبة التطور العالمي أو على الأقل التأقلم  مع المتغيرات الخارجية.

وفي ظل هذه التغيرات الداخلية والخارجية، نسجل الفقر وتزايد الهوة بين المدن والأرياف وتدهور الموارد الطبيعية واستغلالها بطرق غير معقلنة تتنافى ورهانات التنمية المستدامة، جعلت المسؤولين عن هذا البلد وعلى رأسهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس يحثون على ضرورة الإهتمام بالعالم القروي، إنطلاقا من خطاب 20 غشت 1999 الذي تضمن وضع الخطوط العريضة للتنمية القروية، وذلك برسم إستراتيجية تنموية مندمجة قائمة على تنظيم الأنشطة الفلاحية وغيرها والإهتمام بالسكن والتعليم وتحسين مستوى التجهيزات الأساسية والحد من الهجرة عن طريق إستراتيجية التنمية القروية في أفق 2020، إذ ثم إعتبار التنمية القروية أولوية التنمية الوطنية

بالإضافة إلى ذلك فإن مشروع مخطط المغرب الأخضر الذي سطره المغرب في أواسط سنة 2008، يهدف إلى النهوض بالقطاع الفلاحي وتقوية التنافسية الفلاحية على الصعيد الخارجي، عبر دعم مجموعة من سلاسل الإنتاج سواء النباتية أو الحيوانية على المستوى الوطني، و المدعم بمجموعة من المخططات الجهوية بل وحتى المحلية.

في ظل هذه الإستراتيجيات والبرامج التنموية للعالم القروي، أصبحت الجماعات المحلية في الوقت الراهن المسؤول الأول عن التنمية، ولم يعد دورها مقتصرا على الأعمال الإدارية اليومية من تسليم الرخص والوثائق...، وإنما كل ما يمكن أن يؤدي إلى تقدمها اقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا وثقافيا وهو ما جعله يتيح لها القيام بأدوارها في تهيئة التراب والسعي نحو إيجاد الوسائل المادية والبشرية اللازمة لهذا الغرض، وهكذا و في ظل التغيرات الأخيرة والمرتبطة بالجهوية الموسعة، وجب على الجماعات المحلية أن تقوم بدورها الفعال في التنمية، حسب إمكانياتها الطبيعية والبشرية والإقتصادية من أجل تنمية جهوية فعالة ذات تنافسية وطنية وخارجية إضافة الى الجماعة نجد منظمات المجتمع المدني والتي لها دور مهم في التنمية القروية.

تنتمي الجماعة القروية دار العسلوجي إداريا إلى قيادة الحوافات، دائرة مشرع بلقصيري، إقليم سيدي قاسم بجهة الغرب الشراردة بني احسن.

وجماعة دار العسلوجي حديثة العهد مقارنة مع الجماعات المحيطة بها، إد تم إحداثها في التقسيم الإداري لسنة 1992، والتي كانت قبل ذلك تابعة للجماعة القروية الحوافات، وتحد شمالا بجماعة الحوافات، وغربا بمدينة دار الكداري وجماعة الرميلة، وشرقا بجماعة المساعدة وجنوبا بجماعتي بومعيز والصفافعة، ومن الجنوب الغربي بجماعة القصيبية، وتمتد على مساحة 100 كلم مربع مشكلة بذلك% 1.13 من مساحة الجهة التي تبلغ 8805كلم مربع.

وقد بلغ عدد سكان الجماعة 27836 نسمة، يتوزعون على 34 دوارا، ومن أهم الدواوير )أولاد موسى، القراط ، التغاري، الصدادنة، المحاريك، اولاد سعيد، اشهوب، الكبارتا...( وموقع الجماعة بالنسبة لمحور المواصلات جد مهم، ذلك أن أقرب مدينة هي دار الكداري التي تبعد عن مقر الجماعة ب 9 كلم، كما تبعد الجماعة عن مشرع بلقصيري ب 33كلم، و عن مدينة سيدي قاسم ب 46 كلم، وعن مدينة القنيطرة ب 66 كلم، في حين نجد أن أقرب محطة للسكة الحديدية تبعد عنها بحوالي 22كلم بمدينة سيدي سليمان .

إشكالية البحث

     تعيش جماعة دار العسلوجي والمناطق المحيطة بها مفارقة تتمثل في أهمية الإمكانات الطبيعية والبشرية من جهة، والمشاكل الكبرى التي تعاني منها من جهة ثانية، ذلك أن معدل الفقربالجماعة يفوق المعدل الوطني الذي يسجل %14، فالجماعة سجل بها 28% سنة 2004، كما أن نسبة الأمية تبلغ64% من مجموع السكان وحوالي 79 ,1% من مجموع النساء بالجماعة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى 2004، ناهيك عن تدني المستوى الصحي والتعليمي للساكنة المحلية وتراكم مظاهر التخلف على مختلف البنيات التحتية، وقد بلورنا هذه الإشكالية و ترجمناها إلى مجموعة من التساؤلات وهي:

-  ما هي إمكانات وإكرهات الوسط الطبيعي للجماعة؟

- ما هي الخصائص الديمغرافية لسكان الجماعة؟

- بماذا يتسم نظام الإنتاج بالجماعة؟

- إلى أي حد تستطيع التجهيزات الإجتماعية والبنيات التحتية الإستجابة لحاجيات الجماعة و جذب الإستتمار ؟

- ماذا عن مؤشرات التنمية البشرية بجماعة دار العسلوجي؟

- كيف هي تدخلات الدولة وفعاليات المجتمع المدني في الحقل التنموي بالجماعة؟

- ما هي الإستراتيجية الممكنة لثتمين المؤهلات الطبيعية وتجاوز الإكراهات؟
بالتوفيق



التحميل بصيغتين مختلفتينDoc - Pdf
   

طريقة التحميل

*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم