U3F1ZWV6ZTM2OTAzOTA2MzQ1ODYwX0ZyZWUyMzI4MjE3NTIzNTUyOA==

التلوث البيئي

           I.      التعريف
يعتبر التلوث البيئي من أخطر الظواهر التي يشهدها العالم و الذي انعكس سلبا على مختلف القطاعات، مما يقتضي ضرورة مكافحة هذه الظاهرة، و ذلك من خلال تدخل الدولة لحماية البيئة.

يرتبط التلوث البيئي باختلال النظام الايكولوجي حيث أن كفاءة هذا النظام تنخفض عند حدوث تغير في الحركة التوافقية للعناصر المكونة له.
ومفهوم التلوث البيئي هو  حدوث تغير أو خلل في الحركة التوافقية التي تتم بين مجموعة العناصر المكونة للنظام الايكولوجي بما يفيد القدرة على إعالة الحياة. 
       و يترتب على ذلك عدة أضرار بالنظام البيئي و التي تنتج عن سلوك الانسان في سعيه لتعظيم اشباعه المادي من خلال تكثيف استغلاله للبيئة كمصدر للموارد المادية و كوعاء لالقاء نفاياته.
وهو كدلك كل تغيير مباشر أو غير مباشر للبيئة، يتسبب فيه كل فعل يحدث وضعية مضرة بالصحة و سلامة الانسان و النبات و الحيوان و الهواء و الجو و الماء و الارض و الممتلكات الجماعية و الفردية. 
من الناحية الاقتصادية يعتبر التلوث البيئي نوعا من أنواع فشل السوق في تحقيق و تخصيص الموارد الى عدم الاخذ بعين الاعتبار الاثار الخارجية للمنافع و التكاليف الخارجية.
      II.      أشكال التلوث البيئي:  
     يمكن تصنيف التلوث البيئي الى أربع أشكال رئيسية هي: التلوث الهوائي، التلوث المائي، التلوث الأرضي و التلوث السمعي.
1.                      التلوث الهوائي:   يشكل الهواء من أهم الموارد البيئية  حيث لا يمكن لاي كائن حي الاستغناء عنه، من أكثر اشكال التلوث البيئي انتشارا لسهولة انتقاله من منطقة الى أخرى و خلال فترة زمنية قصيرة، و يعرف المشرع الجزائري التلوث الهوائي على أنه: ادخال أية مادة في الهواء و الجو بسبب انبعاث غازات أو ابخرة أو أدخنة أو جزيئات سائلة أو صلبة من شأنها التسبب في أضرار و أخطار على الاطار المعيشي.
   و يحدث التلوث الهوائي عندما تتواجد جسيمات في الهواء بكميات كبيرة بحيث لا تستطيع الدخول في النظام البيئي و تشكل ضررا على العناصر البيئية.
2.                      التلوث المائي:   يمثل الغلاف المائي أكثر من 70%  من مساحة الكرة الارضية، و تكمن أهمية المياه في كونها مصدر هام و ضروري للحياة و أي ضرر يلحقها سيهدد استمرارية الحياة، و نقصد بالتلوث المائي احداث خلل و تلف في نوعية المياه بحيث تصبح غير صالحة للاستعمال، و يعره المشرع الجزائري على أنه: ادخال اية مادة في الوسط المائي من شانها أن تغير الخصائص الفيزيائية و الكيميائية و البيولوجية للمياه، و تسبب في مخاطر على صحة الانسان، و تضر بالحيوانات و النباتات البرية و المائية و تمس بجمال الموقع أو تعرقل أي استعمال طبيعي اخر للمياه. 
   و لقد أصبح التلوث المائي ظاهرة منتشرة في العالم نتيجة لحاجة التنمية الاقتصادية المتزايدة للمواد الاساسية و التي يتم نقلها عبر البحار، كما أن معظم الصناعات توجد على سواحل البحار.
3.                      التلوث الارضي:  تشكل الارض أساسيا للغذاء و مجال للتهيئة العمرانية مما يقتضي ضرورة لحمايتها من التلوث و التدهور، الا أن زيادة استخدام المبيدات و الاسمدة يؤثر سلبا على انتاجية الارض خاصة الاسمدة النيتروجينية التي تؤدي الى تلوث التربة بالمواد الكيميائية و تدهور مقدرتها البيولوجية، كما أن زيادة النشاط الصناعي أدى الى زيادة النفايات الصلبة و التي قد تلقى على الارض أو تدفن في باطنها، مما يؤثر سلبا على الانسان و الحيوان و النبات.
4.                      التلوث السمعي:  لقد أصبحت الضوضاء مشكلة بيئية خطيرة لما تسببه من أخطار نفسية و صحية، و يرتبط التلوث السمعي بالمناطق الحضرية و الصناعية أي بتزايد استخدام المعدات و المركبات و الالات التكنولوجية الحديثة و يقصد بالتلوث السمعي مزيج من المعلومات و الاصوات غير المتجانسة و غير المرغوبة ذات طاقة تؤثر على قدرة الوعي لتمييز المعلومات و الاصوات و تسيئ الى صحة الاجهزة السمعية و تؤثر على مهام الجهاز العصبي. 
   و تسبب الضوضاء في التوتر الانساني بالاضافة الى الضغوط المؤثرة على النشاط العضلي الفكري للعمال مما يؤدي الى تخفيض قدرتهم الانتاجية.
  III.      و من مظاهر تلوث البيئة ما يلي:
ü                      ارتفاع درجة حرارة الارض
ü                      تدهور الكائنات الطبيعية
ü                      تاكل طبقة الاوزون
ü                      تدهور التربة و نوعية المياه
   IV.      عوامل انتشار التلوث البيئي
      لقد ارتبطت إشكالية تدهور البيئة في الجزائر بطبيعة السياسات التنموية الاقتصادية و الاجتماعية المنتهجة منذ الاستقلال إلى غاية نهاية الثمانينات حيث أهملت الاعتبارات البيئية في المخططات التنموية مما أدى إلى تفاقم التلوث لقد ارتبطت إشكالية تدهور البيئة في الجزائر بطبيعة السياسات التنموية الاقتصادية و الاجتماعية المنتهجة منذ الاستقلال إلى غاية نهاية الثمانينات حيث أهملت الاعتبارات البيئية في المخططات التنموية مما أدى إلى تفاقم التلوث الصناعي و تدهور الاطار المعيشي للافراد، بالاضافة الى مخاطر التصحر و تدهور الغطاء النباتي، و خلال التسعينات شهدت الجزائر اصلاحات اقتصادية من خلال الانتقال الى اقتصاد السوق و السعي الى الاندماج في الاقتصاد الدولي، و رغم ادراك الحكومة باهمية البيئة الا أنه تفاقم حدة التلوث البيئي و ذلك راجع الى عدة عوامل تتمثل فيما يلي:
· اهمال قضايا البيئة في البرامج التنموية، منذ الاستقلال الى غاية الثمانينات اهتمت الدولة الجزائرية بعمليات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية الا أنها أهملت قضايا البيئة بحيث لم تدرج ضمن المخططات التنموية.
· قيام صناعة تعتمد على الاستهلاك المكثف للطاقة، تمتلك الجزائر ثروة نفطية و غاز طبيعي هام، مما أثر على النمط الصناعي الذي يعتمد على الاستهلاك المكثف للطاقة مثل قطاع الحديد و الصلب و قطاع البتروكيمياء و ترتب على ذلك تلوث البيئة الهوائية نظرا لانبعاث الغازات الناتجة عن احتراق الطاقة المستخدمة في هذه  الصناعات، و قد تفاقم الوضع خطورة مع غياب أجهزة التحكم من انبعاثات الغازات، و تشكل الانشطة الصناعية من أكثر الانشطة تلويثا للبيئة بحيث تعمل الصناعة على تحويل الموارد الاقتصادية من صورة غير ملوثة للبيئة الى صورة أكثر تلويثا للبيئة و ذلك من خلال الغازات و النفايات الصناعية. 
· ضعف مستويات جمع و تسيير النفايات، تتكفل الجماعات المحلية بجمع النفايات المنزلية على مستوى البلديات. و من أهم العوامل التي أدت الى ذلك عدم وجود استراتيجية للتخلص من النفايات الحضرية و الصناعية وفق المعايير التي تراعي مقتضيات حماية البيئة.  بحيث تلجأ المصالح المعنية الى حرق النفايات و عدم وجود عملية رسكلة النفايات و الاستفادة منها.
· ضعف برامج اعادة التطهير و استغلال مياه الصرف و نقص الغلاف المالي المخصص لها مما ادى الى تفشي الاوبئة المتنقلة عن طريق المياه.
· سوء استغلال موارد الطاقة من خلال زيادة استهلاك الطاقة الملوثة و كذلك نقص الاعتماد على مصادر الطاقة الغير ملوثة المتمثلة في الطاقة الشمسية و الطاقة الكهربائية المستخرجة من الرياح.
· النمو الديمغرافي بحيث توسع العمران أدى الى تقليص الغابات و الاراضي الزراعية، بالاضافة الى تركيز غاز ثاني اكسيد الكاربون في الجو نتيجة استهلاك الطاقة 
       V.      الآثار الاجتماعية للتلوث البيئي
    ان تفاقم التلوث البيئي بجميع أشكاله ( الهواء، الماء، التربة، الضوضاء) ساهم في زيادة حدة الامراض مما أثر سلبا على الحالة الصحية لافراد المجتمع.
   

1.                    الامراض المرتبطة بتلوث الماء:
تشكل الامراض التي تنتقل عدواها عبر المياه مشكلة عويصة من مشاكل الصحة العمومية، و من أهم هذه الامراض نجد: التيفويد، الكوليرا، التهاب الكبد و الدفتيريا. و تنحصر اسباب هذه الامراض في تدهور شروط النظافة بالنسبة لمياه الشرب و عدم توفر شبكات الصرف الصحي.
2.                    الامراض المرتبطة بتلوث الهواء:
 يؤدي تلوث الهواء الى الاصابة بالامراض الخاصة بالتنفس و الصدر، و من أهم هذه الامراض نجد: الربو، الحساسية، التهاب القصبة الهوائية.
3.                    الامراض النفسية:
يؤدي تلوث البيئة الى شعور الفرد بعدم الراحة و الاصابة بامراض نفسية حادة نتيجة التوتر العصبي، الارق في النوم، الشعور بالضيق و فقدان التركيز و الاستيعاب.
ومن الجوانب الاجتماعية الاخرى  للتلوث ايضا هي اصابة العمال بامراض مختلفة وما يترتب على ذلك من زيادة تكاليف الانتاج ، كذلك انعكاسات تلوث الهواء على راحة الافراد وعدم توفر وسائل الامن الصناعي على حالات العمال النفسية وعلاقاتهم ومعاملاتهم الشخصية مع بعضهم البعض ، وما يتسبب ذلك من تأثير على الطاقة الانتاجية والى زيادة لحوادث العمل ، كذلك فقدان كثير من المهارات والخبرات والكفاءات الانتاجية بسبب العجز الكلي والجزئي الناتج عن الاصابات والامراض .
  و بالاضافة الى ما سبق يمكن اضافة مظهر سلبي اخر يتمثل في الضجيج الذي هو صورة من صور التلوث البيئي انه يؤدي الى تقلص في العروق والشرايين والى ظهور مشادات اجتماعية يترتب عليها حصول تصادم بين فئات المجتمع.
4.                    انتشار النفايات المنزلية 
تسبـب النمو الديمغرافي،و تطور العمران الحضري في انتشار النفايـــات و تكاثرهــا و هي النفايات التي لم يتم التحكم في تسييرها حاليا مع كل العواقب الممكنة التي قد تترب عليها بالنسبة على المنظومات البيئية و الصحة العمومية.
  VI.      اثر التلوث البيئي على قطاع الخدمات السياحية
     المشكلات البيئية تترتب عنها عدة آثار في مجال السياحة منها آثار تاريخية وتنمية مناطق الخضراء ونظافة وجمال البيئة.لقد ظلت السياحة في الجزائر تعتمد على سياحة الآثار، كنمط وحيد للسياحة لذا تطلب العديد من النفقات والتكاليف اللازمة لمعالجة ما أصيب من جراء التلوث.
    لقد أوضحت الدراسات الإستراتيجية للتنمية السياحية التي قامت بها الهيئة العامة للتنمية السياحية بأن السياحة البيئية هي أفضل البدائل لتحقيق التنمية السياحية كونها مصـدراً هامــا للدخل القومي.
    و من أجل النهوض بالسياحة البيئية لا بد من توفير المناخ السياحي الملائم ويتمثل فيما يلي:
v                    الاستثمار اللازم لمعالجة كافة صور التلوث لحماية السائح من أخطار تلوث الهواء، وتلوث الأغذية والمياه وتحقيق النظافة وتوفير الصحة له.
v                    الاستثمار الملائم لوضع خطة قومية لاستعمالات الأراضي يراعى فيها البعد البيئي وتحقيق التنمية المتواصلة، والمحافظة على الموارد الطبيعية والحضرية التي تعتبر عنصـر الجــذب السياحي.
v                    إخضاع عمليات التنمية السياحية إلى مراحل التخطيط و التنفيذ و المتابعة والمراقبة البيئية. 

VII.      الاثار الاقتصادية للتلوث البليئي
    تتمثل التكاليف البيئية في كافة عناصر التكاليف الخاصة بتخفيض الفاقد في الموارد الاقتصادية المتاحة فضلا عن تكلفة معالجة المخلفات بكافة أنواعها بالاضافة الى تكلفة ايجاد منتوجات صديقة للبيئة  و تتحدد التكاليف البيئية على المستوى الكلي في التضحيات الاقتصادية التي تتحملها الدولة نتيجة الاضرار البيئية المترتبة عن ممارسة أفراد المجتمع و مختلف القطاعات للانشطة و التي يترتب عليها اثار ضارة بالبيئة، أما على المستوى الجزئي فتتحدد التكاليف البيئية في التضحيات الاقتصادية التي تتحملها المؤسسة نتيجة قيامها بتنفيذ برامج حماية البيئة سواء بطريقة الزامية او اختيارية.
   و يؤدي التلوث البيئي الى عدة أضرار تعرقل عملية التنمية الاقصادية  و ذلك من خلال:
Ø انخفاض انتاجية الانظمة الطبيعية المستغلة اقتصاديا كالزراعة و صيد الاسماك.
Ø ارتفاع تكاليف استعمال البيئة الطبيعية مثل ارتفاع تكاليف معالجة مياه الشرب.
Øارتفاع تكاليف الانفاق في مجال تخفيض و معالجة الاضرار الناتجة عن التلوث قصد حماية البيئة.
Øالتكلفة المباشرة و غير المباشرة الناتجة عن ضياع المواد الاولية و موارد الطاقة.      
VIII.      أما فيما يخص آثار التلوث على الموارد الحيوانية :
· بالنسبة للحيوانات، فلن تنجو هي الأخرى من الأذى و إن كانت الكبيرة منها، التي تمتاز بوجـود الشعر أو الصوف أو الريش أقـل ضررا بالإصابة بسرطان الجلد من الحيوانـات الصغيـرة و لكنها في حالة تأثرها بكمية إشعاع مرتفعة تصاب بأمراض العيون و الجلد عدا التغيرات الجينية التي تحدث طفـرات عديدة، لما وجد قدر كبير من الأشعة فوق البنفسجية يؤثر على الثروة السمكية

· لقد أدى التلوث بالمبيدات والأسمدة الكميائية والمخلفات الصناعية والصرف الصحي إلى آثار بعيدة المدى على حياة البرية. من أهم هذه الآثار التغييرات الجوهرية التي حدثت في بنية المجتمعات الحيوانية والتدهور الذي أصاب تبينه النوعي مما أدى إلى زيادة في الطيور والحيوانات الضارة، فمنها من يصيب الثروة الحيوانية، والمحاصيل الزراعية.



تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة