مقدمة
تشكل البيئة للكائنات الحية ؛ الحيز الذي تعيش فيه ، أي أنها الحاضنة بعناصرها الرئيسة ( التربة والماء والهواء ) ، وتتألف هذه البيئة الحاضنة من الموجودات النابضة بالحياة ( الإنسان والحيوان والنبات ) ، والأخرى غير الحية من الجماد ضمن نظام بيئي تسوده مظاهر المناخ بعناصره المختلفة بجانب الجاذبية والمغناطيسية وغيرهم . وعناصر البيئة ليست ساكنة أو خاملة وإنما فى تفاعل ديناميكي دائم دون توقف تؤثر فى غيرها من مكونات البيئة وتتأثر بها . فالإنسان مثلا مكون من هذه المكونات يتفاعل ويؤثر فى بيئته وتؤثر فيه من خلال علاقة تبادلية تكشف عن جوهر علم الجغرافيا الذي يُعنى فى أبسط تعاريفه واهتماماته بالبحث فى العلاقة بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها .
وانطلاقا من هذه الفكرة يُمكن القول بأن علم الجغرافيا بفروعه المتعددة إنما هو فى الأصل علم بيئي بامتياز ، إذ يصب جل ّاهتماماته على تفسير وتحليل والربط بين ظاهرات البيئة الطبيعية والبشرية بغية استغلالها الاستغلال الأمثل ، وتحقيق أعلى درجات الاستفادة منها لأجل رفعة الإنسان ورفاهيته .
وتدور الأفكار داخل هذا الكتاب حول التعرف إلى ماهية العلم بإبراز تعريفه اللغوي وتطوره التاريخي عبر الحضارات الإنسانية حتى ترسيخ قواعده وثبات مناهجه مع إطلالة العصر الحديث . والبيئة تتناولها فى وقتنا الراهن أقلام متباينة التخصصات والتوجهات ولذلك تتصف بأنها علم بيني له علاقات بكافة العلوم التطبيقية والأكاديمية على السواء وهذه شيمة علم الجغرافيا الذي يحظى بذات الصفة.
ويستعرض الكتاب فى فصله الثاني أسس النظام البيئي بدراسة كوكب الأرض الذي يمثل بيئة الحياة ، ثم بدراسة مكونا البيئة : ( الكائنات الحية ، وغير الحية ) ، ثم السلسلة الغذائية بما تحوي من مُنتجات الغذاء وصولا إلى أكلات اللحوم ثم المُحللات من البكتريا والفطريات ، وأخيرا دورة الماء أو الدورة الهيدرولوجية .
ويلقى الفصل الثالث الضوء على الوضع السكاني العالمي فى الماضي والحاضر من خلال تتبع نمو السكان عبر الحقب التاريخية المختلفة والعوامل المؤثرة فيه ، بالإضافة إلى محاولة إبراز الصورة التوزيعية العامة للسكان والعوامل المؤثرة فيها داخل بيئة الأرض حيث اتضح مدى التركز السكاني الشديد عالميا ، فنصف سكان العالم يعيشون على 5? فقط من مساحة الأرض، بينما لا يعيش فوق 75? من مساحة الأرض سوى 5 ? من سكان العالم . ويختتم الفصل بتوقع نمو السكان فى المستقبل . أما الفصل الرابع فيُعنى بدراسة أزمة الغذاء مع الإشارة إلى بعض من أهم مسبباتها الطبيعية والبشرية .
ويختص الفصل الأخير بدراسة بعض من القضايا البيئية المهمة على الصعيدين الدولي والمحلي ، حيث يلقى الضوء على تلوث هواء القاهرة ومراكز المنصورة ، وطلخا ، وميت غمر بمحافظة الدقهلية ، وكذلك وباء أنفلونزا الطيور وانتشاره عالميا ومحليا مع التركيز على التوزيع الجغرافي للوباء فى المحافظات المصرية ، بجانب إلقاء الضوء على بعض من المحميات الطبيعية فى مصر . ويختتم الفصل بدراسة ظاهرة الانهيارات الأرضية .